تركذ عيون البعض علي لحظة ما لتتجاهل كل ما سبقها وما سيلحق بها من لحظات، تتضخم تلك اللحظة الحالية و يتلاشي ما قبلها و ما يليها، يتوقف عندها الزمن كأنها المعيار أو المحدد الوحيد للتقييم، دون تفكير فيما قد يلي هذه اللحظة، فهل من الممكن الذهاب لما هو أعمق من تلك النظرة، تابع الكثير منا في الفترة السابقة حملة مقاطعة شراء السيارات الجديدة المستوردة ذات المنشأ الأوروبي من خلال مطالعة الأخبار و المقالات و متابعة أراء المحللين و الخبراء فاصبح من السهل التعرف علي الأثار المترتبة علي تلك الحملة، سواء كانت تلك الأثار هي الإيجابية منها، مثل إتجاه الوكلاء إلي تخفيض هوامش الربح ،حقيقًا لم تصل تلك التخفيضات لما هو مستهدف من رواد الحملة لكنها موجودة حيث أنخفضت أسعار بعض أنواع السيارات حتي ٥٠ ألف جنية ، وهناك توجه بالبنوك لتقليل نسب روؤس الأموال المخصصة لتمويل قرض السيارة و الأتجاه لزياده نسبة روؤس الأموال المخصصة لتمويل المشروعات الصغيرة و الأستثمار العقاري، أو الأثار السلبية مثل ركود سوق السيارات و مرور السوق بحالة من التخبط و عدم الأستقرار .
حملة مقاطعة لمنتج ما لها أثار واضحة و ملموسة دون تظاهرة واحدة أو لافتة أو منشور واحد ؟!
فذهن صاحب المقال يذهب لما هو أعمق من ذلك ...
علي ما يبدو أن المصريين يتحسسون - بأسلوبهم الخاص- الطريق الذي سبقنا عليه الأوروبيون منذ عقود .
نظرة تاريخية : مع الترويج علي نطاق واسع بأن تتمنع الدولة عن التدخل في النشاط الأقتصادي في اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية والتخلي عن مزيد من الأدوار للقطاع الخاص إلا أن ذلك لم يؤثر بشكل كبير علي المجتمعات بسبب وجود منظمات عمالية و سياسية مدنية قوية قادرة علي الدفاع عن مكتسبات هذه الشعوب التاريخية ضد الإستغلال و المصلحة الخاصة في إطار النظم السياسية الديمقراطية .
و لعل أحدث ما عاصرناه كدليل علي ذلك "حركة السترات الصفراء" في فرنسا ، ففي يوم الأحتجاج الأول خرج ٣٠٠ ألف من المعارضين لرفع أسعار الوقود بالنسبة للأوروبيين ليس غريبًا فهم مُطالبين بحقوقهم .
فهل هي حالة إستثنائية أم بداية لفهم ما سبقنا إليه الأوروبيون ؟
علي ما يبدو لكاتب المقال أن إجابة التساؤل لن تكون قاطعة ولكن نستطيع رؤيه بعض الملامح الدالة مثل ظهور إقتراحات بإنشاء شركة مساهمة مصرية لإستيراد السيارات بتمويل من المصريين كخطوة لكسر أحتكار الوكلاء لسوق السيارات الجديدة المستوردة ذات المنشأ الأوروبي .
