مقال للمحامي - وليد صالح
المقصود بالإنغلاق في هذا المقال هو أحاديه الفكر وهذا يعد الآن تدمير ذاتي بكل ماتحمله الكلمه من معني في ظل عالم ربما يكون منغلق الحدود، ولكنه مفتوح تماما في السموات وعبر الأثير..
وعقل الإنسان كمعدته إن لم ينوع طعامها مات الإنسان، وعموما كلما زاد تنوع الدول كلما زاد رخائها وتقدمها وكذلك الانسان علي المستوي الاصغر..والعكس صحيح فمثلا لتوضيح الامر...مصر سابقا كان اليهود والأرمن والجريك والطليان واليونان البقالين والطهاه وتجار اقمشه، وكان المفكرين والأدباء من الأزهر الشريف كمحمد عبده ورفاعه الطهطاوي وغيرهم أو من خريجي الجامعات المصريه مثل طه حسين وجمال حمدان، او من المجتهدين فقط كتوفيق الحكيم والعقاد وغيرهم..
وكان الفنانين مصريين يهود أو مسلمين أو مسيحين كنجيب الريحاني وجورج ابيض وليلي مراد، وغيرهم كثير جدا او لبنانين دروز مثلا كفريد الاطرش واسمهان واستيفان روستي وغيرهم كثير، وكان منهم يونانيين وجريك كالخواجه بيجو وكرياكو...وكان ايضا في مصر البان من أسرة محمد علي ..وابراهيم بك ومراد بك من الهواره واصول شبه الجزيره العربيه...والامثله لاتعد ولاتحصي في التنوع والاختلافات وهكذا...
وتحقق بهذا التنوع تقدما لم تشهده مصر طوال تاريخها وهذا التنوع ماجعلها ملتقي وقبله العالم في شتي المجالات سياسيا واقتصاديا وصناعيا وفنيا وإجتماعيا وعلميا وأدبيا وهكذا...
ثم جأت الفتره الناصريه وعملت ضد الفطره الإنسانية والإلهيه السليمه في التنوع ..فصبغت مصر بصبغه واحده مصر للمصريين فقط...مصر اشتراكيه فقط..لاصوت يعلو فوق صوت الرئيس والمعركه..لا أغنياء ولابشوات ولا ألبان في مصر لأنهم أقطاع!..لا أراء لا أحزاب لا فكر الا الفكر الاشتراكي فقط...وحتي الفن تم توجيهه لخدمه الفكر الاوحد الاشتراكي ك "رد قلبي" و"الايدي الناعمه" وغيره كثيير، وكان البطش الأمني المرعب جزاء المخالفين او حتي المتهامسين بالاعتراض...وبناء علي ذلك رحل تنوع مصر وانهارت عملتها وانقسمت عن السودان واحتلت سيناء وضاعت القدس.
ودخلت مصر في تدهور وانهيار منقطع النظير وأصبح من فيها يهاجر منها بعد أن كان يفد العالم إليها من حدب وصوب...وليس في مصر فقط حتي ألمانيا النازيه بقياده فوهلر هتلر انهارات...وفاشيه موسيلني انهارت..وشيوعيه الصين والاتحاد السوفيتي انهارت...ولم يتقدموا الا بعد تخلوا عن احاديه الفكر وفاشيه السياسه وقبلوا بالتنوع والأختلاف وهكذا....وحتي الفاشيه الدينيه فشلت ولازالت وتتحطم الآن امام الفطره الالهيه والإنسانية السليمه
وعلي المستوي الشخصي البحت التنوع وتقبل التنوع راحه وتقدم وفطره سليمه في شتي المجالات، ومثلا نجد في دبي او في اوربا حاليامثلا؛ المشتري مسلم والعمله درهم والبائع هندي سيخي وسائق التاكسي لبناني مسيحي وعامل النضافه فلبيني بوذي..وقائد الطائره نمساوي ملحد وصاحب الماركت صيني شيوعي وهكذا، وبرغم هذا التنوع والاختلاف انسجام غير طبيعي في حركه الحياة.
فيجب أن نقبل الاختلاف والتنوع ونبعد عن الفاشيه بأشكالها...فمثلا هذه محجبه وهذه غير محجبه...هذا حزب وطني وهذا وفدي...هذا مستقل وهذا يرفض السياسه بانواعها...هذا يسمع مهرجانات وهذا لايسمع إلا "أم كلثوم"....هذا مع المحافظ وهذا ضد المحافظ...هذا يؤيد الرئيس وهذا ضد الرئيس..هذا مع زياره ميسي وهذا ضد زياره ميسي...هذا متعاطف مع "أبوتريكه" وذاك غير متعاطف ..وهكذا.
ولكن لكي لايتحول ذلك وتتحول الفطره لشر...يجب أن نلتزم بالضابط الاساسي لذلك وهو ألا يفرض أحد فكره علي أحد ويتقبله ويتعايش معه ومن يخالف ذلك يجب مقاومته لأنه خطر علي ذاته ومجتمعه، وذلك سواء علي المستوي الشخصي او الكيانات، وبمعني أبسط عش فكرك بلا ازعاج او قهر لمن حولك سواء كنت شخصا او كيان.. والعيش بهذه المنظومه سنجد حياتنا افضل ونفسيتنا أرقي وفي أريحيه تامه وسنشعر بتقدم كبير في ذاتنا وسينعكس ذلك علي دوره حياه بلادنا بالتقدم بلا ادني شك ...لأنه حقا الانغلاق وأحاديه الفكر تدمير ذاتي ومخالف للفطره سيما في ظل العالم المفتوح.